الرئيسية » » بنايات فارغة، اطر شاردة ،وغياب استراتيجية مستقبلية لواقع الشباب بالخميسات

بنايات فارغة، اطر شاردة ،وغياب استراتيجية مستقبلية لواقع الشباب بالخميسات

بواسطة Khemisset CITY يوم الأحد، 10 يوليو 2011 | 3:42 ص


اضحى الاهتمام بواقع الشباب من اهم القضايا المطروحة على المجتمعات الحديثة كون عمليات التنمية باشكالها المتعددة لا يمكن ان تتم الا بتنمية بشرية موازية، واعتبار قضية الشبيبة من الأولويات التي يتحتم التعاطي معها بشكل مسؤول في عالم يحبل بالتناقضات الايديولوجية والفكرية والفلسفية وذلك عبر سياسية متفتحة تتوخى تجديد بنية الاستقبال الكفيلة بتوفير المناخ الصحي المتيح للطاقات التاثير والتفاعل في جو من الحرية والانضباط لنشر الوعي بين طبقات الشباب بمختلف أعمارهم ومستوياتهم على المستوى الوطني،مقاربة ستساهم على المستوى القريب في تاهيل القطاع وتنميته بتجهيزه بالاحتياجات الضرورية والامكانيات اللازمة ،وهذا طبعا لن يتأتى إلى بتظافر الجهود عبر خلق شراكات مع القطاعات الحيوية والبحث عن الأطر المتمكنة والقادرة على صياغة نظريات بديلة تسعى لحل الاشكالات المطروحة لاجيال الغد عن طريق اشراكهم في صياغة القرارات الممهدة لتعبيد الطريق وتجاوز المعيقات.


مندوبية الشبيبة والرياضة والافق المسدود

كيف يعمل موظفو قطاع الشبيبة والرياضة بالاقليم ،هل لديهم تصورات او تصور معين للمهمة المراد انجازها والرسالة المراد تبليغها أي كيف تتفاعل الادارة مع تطلعات ومطالب الشبيية لتكوين معايير سلوكية تتجاوز المفاهيم التقليدية ، لان قطاع الشبيبة والرياضة، قطاع حيوي يعرف انكماشا ملموسا في السنوات الاخيرة نتيجة تكالب جملة من الميعقات والمثبطات التي لها علاقة مباشرة بالعنصر البشري والعقليات التي تتعايش على انماط ارتهانية متجاوزة معرقلة للتوجهات الاصلاحية .

ان الاجابة عن هذه الاشكالات يتطلب بالضرورة طرح تساؤلات مركزية :كم من الوقت تستطيع قوى الجمود والتحجر والنظرات الضيقة الصمود في وجه القوى الاصلاحية التي تؤسس لمرحلة جديدة ،هل نعتبر توقيع بعض الشراكات مع مؤسسات معينة وتسطير برامج سنوية مبالغ فيها والرقص والتطبيل "لانجازات" كربونية وتسجيلها ضمن المكاسب العظيمة،ونسلم جدلا ان القطاع استرد عافيته وحيويته ونحن نعلم ان جميع ما يتم تقديمه لا يخرج عن دائرة التطمينات الواهية واستهلاك طوباوي للجاهز واعادة انتاج للخطاب التعويمي.هناك اسئلة حقيقية تحتاج الى اجوبة صريحة:

-لماذا تظل اغلب دور الشباب على مدار السنوات مغلقة،اين الخلل ولمن نعزيه، الى العنصر البشري، ام الى ضعف الامكانيات المادية،لماذا اصبحت دار الشباب بالخميسات وكر للانحراف والارتزاقية بعد ان هجرتها الجمعيات الملتزمة والجادة،لماذا تراجعت نسبة المستفيدين من خدماتها...؟ اين تختفي المساعدات العينية التي تتوصل بها المندوبية من الوزارة الوصية سنويا والممثلة في التجهيزات الاساسية والامتعة الرياضية(كراسي ،كرات ،بدلات رياضية،اجهزة الكترونية متنوعة ) لماذا لاتستفيد منها الفرق الرياضية المختلفة. ان الاجابة عن هذه الاسئلة ستبرز لا محالة مقدرة الادارة على رفع التحدي وانجاز المهمات التاريخية المطروحة.

موارد مالية مهمة.... مجهولة المصير

الى جانب الدعم المادي والعيني الذي تقدمه الوزارة الوصية تشكل المرافق التابعة لمندوبية وزارة الشبيبة والرياضة بالخميسات اهم المصادر التي تدر على خزينة المؤسسة موارد مالية مهمة ونخص بالذكر : مركز اطلس للاستقبال، اندية الانعاش النسوي،القاعة المغطاة(الزرقطوني)، مركز خدمات الشباب....؟

*مكز اطلس للاستقبال: يعد مركز الاستقبال اهم المراكز الاساسية والحيوية بالمدينة كونه يمثل نزلا بكل المقاييس، فخلال السنوات الماضية استقبل وفودا من قطاعات مختلفة رياضية ،ثقافية،مهنية ....؟، ناهيك عن الوفود الاجنبية من مختلف القارات، فعلى سبيل المثال لا الحصر استقبل المركز في غضون الاسابيع الماضية هيئة السلام الامريكية التي تضم 40 شخصا اقامت بين ظرهانيه لمدة شهر بسعر 150 درهما للفرد الواحد واجب تكاليف التغدية والنوم أي ما مجموعه 120.000 درهم. وعلى ذكر التغدية فان المندوبية تعاقدت مع ممون واحد لجميع الاحتياجات الضرورية الخاصة بالمركز.ورغم المداخيل التي يوفرها على مدار السنة فالتجهيزات الاساسية شبه منعدمة، كما ان الغلاف المالي الذي وصل الى 26 ميلون سنتيم لاعادة ترميم المركز وصباغته مبالغ فيه مقارنة مع نوع الاشغال المنجزة .والخطير في الامر تم تشكيل "جمعية الاطلس لمأوى الشباب" من طرف موظفي المندوبية وتم اسناد مهمة رئاستها الى مديرالمركز والمقتصد امينا للمال وهذا طبعا يطرح علامات استفهام عن شرعية الجمعية من الوجهة القانونية ومدى احترامها لمقتضيات ظهير الحريات العامة.

*اندية الانعاش الوطني: لعبت اندية الانعاش الوطني على المستوى الاقليمي دورا فعالا في تاهيل العديد من الفتيات لولوج سوق الشغل نظرا لما توفره النوادي النسوية من امكانيات مهمة في تعلم الخياطة والطرز التقليدي والعصري وكذا الرقانة والمعلوميات باسعار في متناول الفئات العريضة من ابناء الطبقات الكادحة، وقياسا بالاعداد الغفيرة التي ترتاد هذه الاندية وكذا عدد الاسر المستفيدة من خدمات رياض الاطفال و خدمات القاعة المغطاة التي تم تسعيرها للفرق الرياضية ب50 درها للمقابلة الواحدة الى جانب "مركز خدمات الشباب" الذي تم افتتاحة في الشهور الماضية والذي يعرف اقبالا متزايدا لمنخرطيه، الى جانب مداخيل اخرى توفرها الصفقات العمومية التي تتم بردهات المندوبية....؟

يتضح من خلال هذا الجرد ان الميزانية السنوية للقطاع في ارتفاع مستمر ،الا ان المداخيل لم تشفع في اصلاح دور الشباب وتجهيزها بالبنيات التحتية كخزانات للكتب والكراسي ومكبرات الصوت والاضواء ، فدار الشباب 20 غشت مثلا تحتاج الى ترميم شامل نظرا للتصدع الذي اصاب سقفها والذي يقطر ماء اثناء التساقطات المطرية ناهيك عن القاعات التي تفتقر الى وسائل الراحة.والمؤسف انه تم رصد غلاف مالي وصل الى 124 مليون سنتيم لبناء المندوبية والسكن الوظيفي للمندوب.

دور الشباب بإقليم الخميسات تنش الذباب

لعبت دور الشباب –سابقا- دورا طلائعيا في بناء جسور التواصل بين شرائح متعددة من ابناء المجتمع،انتج خطابا وأسلوبا حضاريا ادى الى اكتشاف مواهب وطاقات ابداعية في المجالات الفنية: المسرح ،الشعر،الرسم،القصة، المقالة،النقد، والدراسة،وكل ما يتصل بالنشاطات الفكرية ....؟ لكنه في السنين الاخيرة حادت دور الشباب عن رسالتها التثقيفية الحضارية الهادفة وتحولت الى سوق حرة لتفريخ الانحراف والارتزاقية في ابخس صورهما ومرد ذلك الى انتشار الانتهازية المرافقة لظهور جمعيات منساباتية تتغدى على الجاهز والضحل اللذين اصبحا القاعدة.كما ان مسؤولي القطاع الشبيبي يتحملون الجزء الكبير في تردي وتدهور مردودية القطاع كونهم باركوا الانحطاط والبهرجة بتواطئهم وصمتهم ، فالإدارات المتعاقبة تفتقر الى رؤية واقعية لواقع الشباب مما انتج أجهزة مشلولة تتخبط في العشوائية والارتجالية لافتقادها الى تصور شامل والاقتصار على اقامة مهرجانات وندوات فضفاضة مبطنة تعادي الواقع كون عناصر الحقيقة فيها ممتزجة بركام من الاكاذيب المبتسرة يراد بها في المقام الاول تلميع صورة مسؤول له دور كبير في انحطاط المرفق وانحباس وظيفته.

وضعية الشباب بالجماعات القروية

رغم قلة دور الشباب بالإقليم، فالزائر الى بعضها يصاب بالصعقة والغثيان كونها بنايات فارغة غارقة في الصمت الجنائزي، فالتجهيزات الاساسية منعدمة إذا استثنينا طبعا بعض الكراسي الكسيحة والطاولات المهترئة المؤثثة لقاعات مزينة ببعض الصور الكالحة والكتابات الباهتة على جدران مقشرة تشكو الرطوبة،فالكتب التي تعد ركائز اساسية للدور منعدمة في اكثر من 13 دارا للشباب على المستوى الاقليمي اذا استثنينا طبعا بعض الكتب المهلهلة والجرائد المصفرة التي تتقيأها الرفوف ، فدار الشباب بالخميسات التي كانت تتوفر على خزانة مهمة يعود تاريخ انشائها الى سنة 1972 اصبحت في حالة يرثى لها وعما قريب ستصبح في خبر كان بعد ابعاد المكلف بحراستها لاسباب مجهولة. ونفس الابعاد المبيت تعرض له اطر الجمعيات ذوو المؤهلات في المجال التربوي وتجربة معمقة في مجال التخييم.ولاداعي لسرد الاحداث التي عاشتها مخيمات المهدية والهرهورة خلال الصيف المنصرم ومن هم الاشخاص الذين تحملوا مسؤولياتها الادارية.

وليس غريبا ان يعيش القطاع انكماشا حقيقيا وتراجعا خطيرا في رسالته بالعام القروي مادامت الادارة تفتقر الى الاساليب الحضارية في التواصل المباشر المنتجة لخطاب متنوع يلبي تطلعات القاعدة العريضة والمتنوعة للشبيبة.فالادارة محليا تشتغل على الجاهز بالوسائل التقليدية في عصر تكنولوجيا المعلوميات بالاعتماد على التصريحات الفضفاضة والجرد الميكانيكي لانشطة سنوية:تخييم ،حفلات ،ندوات... غالبيتها لا تخدم الناشئة بقدر ما تكرس الارتهان لارادات اشخاص تجاوزهم الركب، كونها لا تقوم بتشريح الوضع المازوم والتدقيق في سلبيات القطاع ومحاولة تداركها مستقبلا للرفع من مستوى الخدمات بقدر ما تعمل على اخفاء الشمس بالغربال ولف العفن في ورق من "السلوفان" مخافة طلوع الروائح العطنة.

الجمعيات الثقافية الجادة تبخرت

قبل سنين شكلت الجمعيات الملتزمة- رغم قلتها- دينامية حقيقية في تكوين الناشئة وتدريبها على العمل المشترك المنتج والمحفز عن طريق المشاريع الجماعية واشاعة روح التضامن بين فئات مختلفة من المجتمع، لقد كانت الدور الشباب تعج بالانشطة والندوات المعبرة والمسرحيات العالمية واخرى تستلهم التاريخ الوطني للامة وتعيد احيائه وربطه ربطا علميا بالحاضر عبر الانفتاح على الفكر الخلاق،وتدفع الى الاجتهاد والمثابرة وعدم الاستسلام للواقع المتعفن الذي راكمته التجارب السياسية الفاشلة والعمل على تعرية مظاهر التفسخ والفساد في المرافق العمومية في اطار القانون، جمعيات وازنة استطاعات ان تفرض نفسها على الساحة الثقافية اقليميا ،جهويا، وطنيا وعربيا ، لكنه في التسعينيات بدأ العد العكسي لانفراط اغلب الجمعيات الجادة مع الاكتساح الخطير للاجسام الارتزاقية المتناسلة كالنبتات الوحشية حيث بلغ عدد الجمعيات المؤسسة في عشرة سنوات 84 جمعية 13 جمعية نشطة والباقي قرأت عليه صلاة الجنازة ،بل الخطير انه بالقاء نظرة على المكاتب المشرفة نجد نفس الاسماء تتردد هنا وهناك مما افقد العمل الجمعوي مصداقيته ودوره التاريخي البارز.ونسجل هنا ان المدير الحالي يقوم بدور مهم في تخليص دار الشباب بالخميسات من تراكمات سلبية عمرت طويلا وذلك عن طريق احياء "مجلس الدار" -الذي يعد من الحلقات المهمة لدور الشباب- وطرق ابواب الفاعلين الثقافيين والجمعويين للمساعدة في توفير بعض التجهيزات الضرورية التي تساعد الفرق المسرحية والغنائية في ممارسة عملها.ويبقى مشكل الدعم المادي احد اكبر العراقيل في وجه الجمعيات الثقافية لان المجالس الحضرية والقروية لا تهتم بالثقافة لانها مسالة تنوير ،والتنوير يشكل تهديدا حقيقيا للعقليات الاستعمارية.

الطفل القروي ولعنة الاقصاء

مما لاشك فيه ان خلق وعي لدى الناشئة ضرورة ملحة واهمية بمكان لانه وسيلة اكيدة لاشاعة الديمقراطية والتربية على حقوق الانسان التي تذكي روح التازر والتاخي وبالتالي محاربة كل اشكال الانحلال والانطوائية والانهزماية اوالاستغلال البشع من طرف حركات التطرف الديني.وسائل كفيلة بانتاج جيل بدون مركبات نقص قادر على تحمل المسؤولية ،لكن اين دور دورالشباب من هذه النظريات في تعاملها مع الطفل في المدينة او القرية، فاذا كان الطفل في المدينة قريب الى حد ما من وسائل التكنولوجيا الحديثة من تلفزة وسينما والعاب الكترونية وجميع ضروريات الحياة. فالطفل القروي مقصي من كل الوسائل المساهمة في بناء شخصيته لمواجهة التحديات المستقبلية من مسرح ،ورياضة ونحث ورسم وانشطة ترفيهية وتخصيص مخيمات صيفية سنوية في المناطق الشاطئية والجبلية.

فالطفل المحور الأساسي في العملية برمتها الاهتمام به اصبح أمرا مستحيلا كما ان العديد من الجمعيات التي جعلت من الطفل محور انشطتها الترفيهية والثقافية تحولت اعمالها الى التكسب والتدجين ونشر التفسخ الخلقي.

اعادة النظر في مهمات القطاع الشبيبي مهمة اساسية

الاكيد ان جميع القطاعات العمومية لها ميزانية خاصة للتجهيز مخصصة لاقتناء الاجهزة الاساسية والترميم والصباغة وشراء قطع الغيار الكهربائي ودفع فواتير الماء الشروب والتجهيز المكتبي،وللنهوض بالقطاع لابد من وضع استراتيجية مستقبلية بتخصيص ميزانية سنوية قارة لاقتناء التجهيزات الاساسية والضرورية وبناء دور الشباب بالجماعات القروية. ولاعادة النظر في مهمات القطاع يستوجب صياغة حديثة لواقع الشباب برمته لتحديد طرق معالجة الازمة بتصور واعد يعترف مبدئيا بوجود ازمة ويسعى للبحث عن اليات وشروط الحوار حولها على خلفية ان ازمة القطاع لها ارتباط بمنظومة اقتصادية واجتماعية وسياسية .وان تكون للادارة المقدرة على الاعتراف بوجود اختلالات ومحاولة اصلاحها فالعيب ان نتعايش مع الازمة ونحرص كل الحرص على تطويقها بوسائل مفضوحة تزيد في تعقيد الوضع ومفاقمة السلبيات. خلاصة القول ان شهوة السلطة باقليم الخميسات اضحت عاملا رئيسيا في ارتهان مستقبل قطاعات عديدة ومساهمة في انشار الافات الاجتماعية التي تعيق العملية التنموية برمتها
 
الصورة : أحد دور الشباب بالمغرب
الحسان عشاق
ساهم في نشر الموضوع :

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

 
دعم : إنشاء المواقع | قوالب جوني | قوالب ماس | قوالب بلوجر عربية ومجانية
© 2011. Khemisset Press - جميع الحقوق محفوظة
عدله إنشاء المواقع - تعريب قوالب بلوجر عربية ومجانية
بدعم من بلوجر