المثل العربي يقول: من يزرع الأكاذيب يحصد الأشواك. والمغاربة يقولون: "لِحْفر شِي حْفرَة كَيْطيحْ فيها" والله تعالى يقول: هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لأَنفُسِكُمْ فَذُوقُواْ مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ.. وهذا ما ينطبق على الدولة المغربية اليوم حيث نراها بدأت تجني ثمار ما زرعته بالأمس عندما أخطأت في حق هذا الوطن وأهملت واجبها الذي يقتضي الاهتمام بشعبه لتكوينه وتعليمه وتربيته الصحيحة على أسس العقيدة الإسلامية، والأخلاق النبيلة، وروح المواطنة الحقة.
لكن للأسف حدث العكس، حيث أقامت بينها وبين هذا الشعب المغلوب على أمره، سياج القمع والإهمال واللامبالاة. فتركته يتناسل ويتكاثر بشكل عشوائي، تحت ظلام الجهل والإهمال والفقر والبؤس، لينتج لنا هذا الجيل الفاسد بكل المقاييس. بل أنها هيأت له مناخا ملائما بتزويده بالخمور والملاهي والمخدرات على أشكالها، والتي لم يسبق لبلدنا أن شاهدها حتى في عهد الاستعمار.. مثل الحقن وأقراص الهلوسة والشيشة وبقية الأصناف. وفجأة فتحت له الباب على مصراعيه للخروج إلى النور مثل ثيران اسبانية. وما كان منه إلا الانطلاق الجماعي في ثوران هستيري نحو الشارع اقتداء وتقليدا لما يجري في البلدان الأخرى بشكل أعمى دون إدراك شاسع الاختلاف مع الآخرين ولا حتى ما حدث من تغييرات.وهكذا مخلوقات 20 فبراير فمعظمهم غير شرعيين من أبناء الأزقة المتخلى عنهم، تًكوَّنوا من الفساد ونشئوا بين أحضانه، ثم ترعرعوا في دور الإهمال واللامبالاة حيث لا توجد تربية ولا أخلاق ولا توجيهات. نعم هذه الدور الخيرية التي هيأتها الدولة تعمداً منها لنشر الفساد في البلد مما سنح الفرصة لبعض الجمعيات والمؤسسات الفاسدة المتواطئة مع الغرب للدخول على الخط بغرض بسط الرذيلة في بلد إسلامي لمحو عقيدته الدينية تحت ذريعة ما يسمى بالحرية وحقوق الإنسان.
وعندما استيقظ هذا الشباب على حين غرة، وجد نفسه هكذا فظن أن هذا الوضع هو عين الصواب، فكان من الطبيعي أن تكون النتيجة على هذا النحو الذي نراه اليوم. فمن الانحراف الفكري والثقافي والعقائدي إلى تعاطي أنواع المخدرات إلى الشذوذ الجنسي إلى ممارسة العادات السرية في الحدائق العمومية أمام الأنظار.. إلى الإفطار الجماعي في رمضان.. إلى التطرف والتآمر مع أعداء الوحدة الوطنية لزعزعة الاستقرار إلى.. إلى.. والبقية ستأتي لاحقا وستكون أسوأ مما نحن عليه لا محالة، إن تمكن هؤلاء الفاسدين من الوصول إلى مناصب المسؤولية، فحتما سيعيدون الاستعمار إلى المغرب من جديد، أو سيبيعون البلد ومن فيـه.. أما الجنس اللطيف فحدث ولا حرج فقد أصبحنا نرى الشوارع والشواطئ متساويين ولا تستطيع أن تفرق بينهما إلا بالرمال من شدة فظاعة العرى وإظهار العورات.
وطبعا كان الهدف الأساسي للدولة من هذا السخاء اللامحدود من الحرية في هذا المجال، هو إفساد عقول وأخلاق الشباب لتضمن راحتها، وإذا بها تفاجأ بأن العقول الفاسدة أخطر عليها من العقول النظيفة. وها هي تحصد ما زرعته بالأمس ولن تنعم بالنوم النوم بعد اليوم نتيجة سكوتها المتعمد على هذا الوضع المزري الذي وصل إليه المغرب اليوم. فحتى التجنيد الإجباري الذي كان ضمن الثوابت الوطنية لترويض اليافعين على الوطنية والرجولة والاستقامة، أقدمت على تجميده هو الآخر لنفس الهدف. لذلك فعليها أن تتحمل اليوم نتيجة خطئها.
بل والأكثر من هذا هو أنه منذ حصول المغرب على الاستقلال إلى يومنا هذا لم نكن نسمع خلالها عن شيء اسمه المواطنة سوى مصطلحات قمعية ومهينة للكرامة، تستقبلنا بها المؤسسات المخزنية عند اللجوء إليها لاستخراج وثيقة ما مثل البطاقة الوطنية وغيرها، والتي ما زالت حتى اليوم تتداول في المراكز الأمنية بشكل طبيعي، بحيث لا تفرق بين الصالح والفاسد، ولا بين المجرم والضحية ولا بين السارق والمسروق. فكل من دخل المركز فهو مجرم.. إنها منهجية تم العمل بها في حقبة الاستعمار وللأسف ما تزال حتى الآن سارية المفعول.
وكل هذا بفضل سذاجة الدولة التي انغمست في نومها طوال ستة عقود خلت، وبغتة تهل علينا ببيان حول المواطنة لتوزعه على المساجد مثل الخطب الوزارية لإلقائه على مسامع المتعبدين وينته الأمر.؟ كلا.! فالمواطنة إحساس وجداني وشعور روحاني ينمو مع نمو الإنسان منذ بداية طفولته، ويتأتى ذلك بالممارسة وحسن التعامل له وتحسسه تلقائيا بما له وما عليه من واجبات وحقوق وليس بالخطب والشعارات الموسمية كما نرى.
أقول هذا وأنا لست مع هذا الجانب أو داك، بل أنا مع الوطن والحق، وهذا ما يدفعني في حالة الضرورة للميل طبعا إلى الطرف الأقل ضررا عن الطرف الأخر.. وأفضِّـل العدو العاقل عن العدو الجاهل. لهذا أرى أن الخيار الوحيد أمام الدولة لكبح جماح وتبديد هذه الشرذمة المتمردة على الدين والوطن، هو التجنيد الإجباري مع الأعمال الشاقة لإرجاعها إلى رشدها، واسترجاع لها بعض الرجولة التي افتقدتها في أوكار اللهــو والفســاد.
الحسين ساشا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق